جرم المشرع الفرنسي ألعاب اليانصيب والقمار
والميسر بمقتضى القانون المؤرخ في 21 ماي 1863 وذلك بغاية حماية المجتمع والمستهلك
من النهّب والسّلب وللتّصدي للإثراء غير المشروع...هذا وقد صدر الأمر العليّ
المؤرخ في 25 ماي 1904 عن الباي بتونس لتكريس نفس المنع... كما صدر الأمر العلي
المؤرخ في 14 سبتمبر 1937 عن الباي لمزيد تشديد الخناق على المتحيلين والجشعين حتى
لا يخرّبوا المجتمع ويثروا بطرق غير شرعية.... وبغاية إيجاد إطار عام ينظّم الألعاب
التي يغلب فيها الحظ على البراعة وإعمال الفكر، بادر المشرّع التونسي بإلغاء الأمرين
السّابقين وإصدار المرسوم عدد 20 لسنة 1974 المؤرخ في 24 اكتوبر 1974 المتعلّق
بإقامة معارض الألعاب وألعاب البيت واليانصيب....وطبقا لأحكام ذاك المرسوم، تمنع
الألعاب التي يغلب فيها الحظ على البراعة إلا إذا نصّ القانون على خلاف ذلك مثلما
هو الشّأن بالنسبة إلى اللعبةالبروموسبور المنظمة بقانون خاصّ يمكّن الدّولة من
معرفة المداخيل والحصول على نصيب الأسد للنّهوض بالرّياضة...هذاوقد نصّ المرسوم
على ضرورة خضوع مؤسّسات معارض الألعاب واليانصيب للمراقبة والتّرخيص المسبق من قبل
الولاّة علما أن الرّخصة تبقى شخصيّة وغير قابلة للإحالة...وحسب أحكام المرسوم المذكور
يعتبر يانصيبا ويمنع بناء على ذلك بيع العقارات أو المنقولات أو السّلع عن طريق
الحظّأو عن طريق جمع المنح أو غيرها من الأرباح بناء على الصّدف إن كان ذلك في شكل
مسابقات أو غير ذلك وبصفة عامّة كلّ عملية تقدّم للعموم وتثير لديهم الرّبح عن
طريق الحظّ، علما أن ألعاب الصّناديق الإجراميّة التي تقوم بها بعض التّلفزات
المتحيّلة تدخل تحت هذا الباب.
وقد نصّ المرسوم على عقوبة بالخطيّة
والسّجن لمدّة شهرين الى ستّة أشهر وكذلك حجز ومصادرة المنقولات أو السّلع الواقع
عليها تنظيم اليانصيب وكذلك الأدوات والمعدّات والتّجهيزات والأموال المستعملة أو
المعدّة لصالح اليانصيب وإذا كان موضوع اليانصيب عقارا فإن المصادرة تعوّض بخطيّة بمقدار
ثمن العقار... وفي صور العود فإن الخطيّة أو السّجن يمكن ترفيعهما الى ضعف الحدّ
الأقصى. وتسلّط العقوبات على المرتكبين الأصلييّن لتلك الجرائم وأصحاب مشاريع
اليانصيب أو الأعوان المختصّين بها وكلّ من يساهم في التّعريف بتلك الألعاب حتى وإن
كان على حسن نيّة... خلافا لأحكام المرسوم عدد 20 لسنة 1974، نلاحظ بكل قلق أن أعمال
التحيل على المستمعين والمشاهدين للبرامج السّمعية البصريّة المتمثّلة في ألعاب
الحظ واليانصيب غير المرخّص فيها في تنام كبير من خلال وسائل الإعلام السّمعية
البصريّة. تلك الأعمال المجرّمة التي هي بصدد المساهمة بصفة فعّالة في تخريب
المجتمع التّونسي وسلب ونهب المستمعين والمشاهدين تدخل تحت طائلة العقوبات
الجزائية المنصوص عليها بالمرسوم المشار إليه أعلاه وكذلك القانون عدد
62 لسنة 2002 المتعلّق بالألعاب التّرويجيّة والقانون عدد 40 لسنة 1998 المؤرخ في
2 جوان 1998 المتعلّق بتقنيات البيع والإشهار التّجاري والقانون عدد 117 لسنة
1992 المتعلّق بحماية المستهلك...و هناك أعمال تحيل وإثراء غير شرعي تعمل بعض
وسائل الإعلام على تمريرها تحت غطاء الألعاب التّرويجية والإشهاريّة متناسين أن
تلك الألعاب وجب أن تكون مجانيّة حسب القانون عدد 62 لسنة 2002 ان الارساليات
القصيرة وجب ان يتحمل تكلفتها المنظّم لتلك الألعاب التي يراد من ورائها تنمية
البيوعات المتعلّقة بمنتوج ما...كما أن أعمال التّحيل التي نتفرّج عليها يوميا من
خلال بعض وسائل الإعلام لا يمكن القبول بها إلا في دولة المافيات والعصابات وليس
في دولة القانون.
أين هي الهايكا التي تتفرّج بسلبيّتها
المقيتة على تلك الأعمال الإجراميّة والتّخريبية التي ترقى الى مستوى الإرهاب
المجتمعي والإقتصادي عوض أن تسهر على تكريس سيادة القانون وتطهير القطاع من المتحيّلين
والمخرّبين مثلما اقتضت ذلك أحكام الفصلين 16 و17 من المرسوم
عدد 116 لسنة 2011 المحدث للهيئة العليا للاتصال السّمعي البصري...أين
هي وزارة التّجارة المكلّفة قانونا الى جانب وزارة الدّاخلية ووزارة العدل ووزارة
المالية بتفعيل أحكام المرسوم عدد 20 لسنة 1974 وكذلك القانون عدد 40 لسنة 1998 والقانون
عدد 62 لسنة 2002 والقانون عدد 117 لسنة 1992 لحماية حقوق المشاهدين
والمستمعين الذين يتعرضون لابشع عملية تحيل ونهب وسلب.... لماذا لم يحرّك إعلام
الرّشوة والإرتزاق والمال الفاسد والمؤامرة والمافيات ساكنا تجاه أكبر عمليّة سلب
وتفقير ونهب يتعرّض لها الشّعب... فعلى الوكلاء العامّين ووكلاء الجمهوريّة والولاّة
أن يتحرّكوا للتّصدي لأكبر عمليّة تحيّل ونهب وسلب وتخريب يتعرّض لها الشعب في
سابقة خطيرة تؤسّس لدولة المافيا.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire