vendredi 22 janvier 2016

حركة نداء تونس: سفينة غارقة وأعجاز نخل خاوية



يوم كتبنا بالبنط العريض على الصّفحة الأولى من صحيفتنا " الثورة نيوز " " إمّا نداء وإمّا فناء" قبيل الانتخابات الرّئاسية والتّشريعية أكدّنا أنّ لكلمة نداء معنيين أولهما ضيّق محدود وقصدنا به حركة نداء تونس.وثانيهما واسع شاسع وقصدنا به نداء الوطن. وحذّرنا في تلك الافتتاحية وفيما تلاها من افتتاحيات كثيرة من مغبّة أن يكون الحزب الذي حمّله الشّعب التّونسي الأمانة  ظلوما جهولا فيفرّط في صناديقه التي أثقلها كارهو النهضة ورافضو الترويكا فيبقى ملوما محسورا يقلّب كفّه على ما أنفق على بلاده وهي خاوية على عروشها . ويبدو أنّ تحذيرنا كان مبرّرا وإشفاقنا كان معلّلا. فمن يوم للآخر تتبدّدالآمال العراض وتتلاشى الأماني الطيبة  التي حلم بها التونسيون  بعد فوز حزب حركة نداء تونس فوزا ساحقا رغم أنه حزب فتيّ وذلك بعد أن أعطى من يملك الحكم السّلطة إلى من لا يستحق فكان ما كان  من توافق أو قل  بالأحرى ما كان  من  تنافق وتسويات شوهاء وترضيات عرجاء .


ولعلّ ما يجري اليوم من  اضطرابات عنيفة  في تونس  ما يؤكد أنّ سفينة النّداء التي حطّمها الإخوان ستتكسر آخر خشباتها على صخور جبال مدينة القصرين وأنّالباجي قائد السبسي سيندم  قريبا يوم لا ينفع الندم  وسيقول " أكلت يوم أكل الثور الأبيض " .ولعلّ أغرب ما في الأمر أنّ رئيس البلاد المفتون بذكر آيات القرآن الحكيم وأقوال السلف والأمثال الشعبية نسي أو تناسى ما  قاله أجدادنا من أن " كثرة الرياس  تغرق المركب ، أو تغرق المركب اللّي كثروا رياسها". فسفينة النداء تغرق وراكبوها صرعى  يطلبون العون من الشيخ سرّا وإعلانا .والنخلة لم تثمر بلحا بل ملحا. وعجبي لمن كانت ذاكرته قصيرة  فنسي أو تناسى أنّ حركة النهضة لما تحالفت مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية تركته كدار السوء أسرعت الخرابا. ولما تقاسمت الحكم مع حزب التكتل من أجل العمل والحريات تركته صريعا وزنه في السّياسة كوزن ذبابة.


ما أشبه اليوم بالبارحة  فقد جاء الدور على النّداء وبعد أن رفرفت حمائم النهضة على سفينة النداء وهي تشقّ عباب البحر موحية بالسلام والوئام وبعد أن علمت أن الجماعة قد آمنت بما خرّفت وكذبت وبما زينت وأغوت  جاء دور الصّقور الضارية  وبدأت تنهش ركابالّسفينة وربّانها نهشا  وتلقي بهم واحدا واحدا في اليمّ وهم في طغيانهم يعمهون لا يدرون من أمرهم رشدا . فواحد منبطح أعلاه يبكى على ليلاه ، وذاك منبطح أدناه من أجل بعض الجاه ..وثالث يحتمي بأبيه ويستغيث بالنّهضة ويصرخ " أريد الرّئاسة ..واشيخاه " ..سفينة النهضة خرقتها سهام النهضة ودمدمت أهلها وتركتنخلها كعصف مأكول ..فتنة شقّت الحزب نصفين ثم انشق كل شق على نفسه وكل حزب بما لديه فرحون " هذا بناقوس يدق وذاك بمئذنة يصيح أمّا أبناء الوطن الجريح  الذين اكتشفوا غدر النداء وخيانته  وتآمر النّهضة ودورها في أثارة الفتن والقلاقل  وأدركوا أن البلاد كما العباد  في خطر بعد أن عصف بهم الإرهاب بعد أن أصبحت معيشتهم ضنكا لم يجدوا سوى  الصبر على فداحة المصاب أو الدعاء سبيلا فكان حالهم كحال من قال فيه الشّاعر:


كصاحب الموج إذا مالت سفينته...يدعو إلى الله سراّ وإعلانا.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire