سنويا تخصم من ميزانية الدولة آلاف المليارات تخصّص حصريّا لتطوير شبكة الطرقات وصيانتها ورغم تلك الاستثمارات الضخمة والتي في غالبيتها متأتية من الاقتراض الخارجي لا زالت طرقاتنا على أسوء حال ... ومثلما لا يخلو أي شارع وأي نهج وأي ممرّ وأي مسلك من الحفر والشقوق فإن الطّرقات السّيارة والسّريعة والوطنية والفرعية الحديثة والقديمة عرفت نفس الحالة ولا ندري كيف تعمل وزارة التجهيز وكيف تتعامل مع مزوديها وكيف تقبل بصرف المستحقات في غياب العمل الفعلي والمتقن.
أواخر شهر ماي 2015 استبشر أهالي النفيضة وبالخصوص متساكني منطقتي الغواليفوقريميط الشرقية بانطلاق أشغال إعادة تهيئة وتعبيد الطّريق الرّابط بين منزل الفاتح والغواليف مرورا بقريميط الشرقية بطول 10 كلم حيث حلّ المقاول المحظوظ وانطلق في عمله بطريقة غريبة لا تحترم المواصفات الدّنيا لأشغال تعبيد الطرقات حيث قام في مرحلة أولى بجلب الحصى بواسطة الشّاحنات ودون تنظيف الطريق من الأتربة والأوساخ المتناثرة ودون ردم وسدم ما به من حفر ودون جرف حاشية الطريق و دون إزالة "طوابي الهندي" ودون القيام بأي عمل تحضيري دخل المقاول المذكور في صلب الموضوع بأن جلب شاحنة متبوعة بصهريج مملوء بمادّة الزّفت Bitumeوانطلق في طلاء الطّريق وشاحنة ثانية تتبع الأولى تنثر الحصى وحينما حاول الأهالي اعتراض المقاول وإيقاف المهزلة تدخّلت السّلط المحلية ممثلة في معتمد النفيضة ومكّنت المقاول من إنهاء المهمّة أي تعبيد طريق بطول 10 كلم في توقيت قياسي لا يتعدّى نصف اليوم ....المشهد يكاد يتكرّر في غالبية المناطق إذ يحصل أشباه المقاولين على غالبية الصّفقات العمومية لتعبيد الطرقات أو لتهيئتها بطرق ملتوية وبمساعدة من موظّفين فاسدين بوزارة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية ... فكرّاس الشروط والمواصفات الفنية والسّلامة المرورية والمصلحة العامة لا تعني الكثير بالنّسبة إلى الجماعة المستكرشةفالمهم بالنسبة إليهم تحقيق مصالحهم الخاصّة والإثراء السّريع على قاعدة "اطعم الفم تستحي العين"... ويكفي التّوجه إلى المناطق الريفية للوقوف على جملة الإخلالات التي تقع يوميا في كلّ كيلومتر من طرقاتنا الفرعية الداخلية منها بالخصوص.
والفساد لم يقتصر على الطرقات الفرعية والمسالك الفلاحية بل تعدّاها ليشمل الطرقات الوطنية والسريعة والسّيارة وخير عينة على ذلك يمكن الاستدلال بالأشغال التي تنجزها منذ فترة طويلة إحدى المقاولات الصغيرة ونعني بها شركة مقاولات مختار بودخان ENTREPRISE BOUDOKHANE MOKHTAR (عدد معرّفها الجبائي 1042986R/A/M/000 وعدد سجلّها التّجاري B0118762008) والتي تخصّ أشغال تقوية معبد الطريق السيارة أ1 تونس-صفاقس .. حيث يشير عدد السّجل التجاري إلى أن المقاولة المحظوظة والتي أسندت لها صفقة بمئات المليارات لإنجاز أشغال تعبيد على غاية الحرفية والدّقة تأسّست خلال سنة 2008 ولم يسبق أن حصلت قبل الثورة على صفقات عمومية بمثل هذا الحجم ولكن بعد الثورة تغير كل شيء بعد أن غيّبت الشّفافية في جلّ عمليات إسناد الصّفقات العمومية فكل شيء أصبح "بالأكتاف والمعارف "...
وعلى طول الطريق السّيارة المجدّدة Routes rénovées والرّابطة بين تونس وسوسة قام فريق الثورة نيوز المكلّف بمعاينة جودة الأشغال المنجزة من طرف المقاولة المتعاقدة وليرفع عديد الاخلالات فحالة الأجزاء المجددة سيئة للغاية ونكاد نجزم أن أشغال مقاولة مختار بودخان لم ترتق إلى المستوى الأدنى المطلوب ربما لأن الأخيرة لا تمتلك الخبرة المطلوبة ولا التجهيزات اللازمة ولا النقليات الضرورية لإنجاز أشغال على غاية التّعقيد ... مئات المليارات صرفت من خزينة الدولة للشركة الخاصة EBM مقابل تنفيذ أشغال صيانة جزئية للطريقالسّيارة (تونس -سوسة) والنتيجة طريق صالحة لكل شيء إلا للسيارات والشاحنات خصوصا وأن التّشوهات السّطحية (الشقوق- الحفر – الرقع – التلف السطحي - ...) ميّزت كامل المسافة الرّابطة بين تونس وسوسة إذ يخال السائق أنه يقود سيارته داخل مسالك فلاحية أو طرق عادّية وطنية أو فرعية ... تصوّروا الطريق السيارة المذكورة والتي تعتبر بمثابة عصب شبكة الطرقات الوطنية وأكثرها تدفقا لحركة المرور على مثل هذه الحالة السيئة وهناك من أكد أن حالة الطريق بعد تجديدها وصيانتها أصبحت أسوأ مما كانت عليه قبل الأشغال ولا ندري كيف سهت مصالح وزارة التجهير عن هذه التجاوزات والإخلالات وما هو موقف معالي الوزير الحالي للتجهيز محمد صالح العرفاوي ؟ ألم يلاحظ حالة الطريق بعد صيانتها وهو الخبير في الطرقات والجسور أم أنه سيجد كعادته الأعذار للتّغطية على عصابة السّراق ...؟
ورغم تعدّد شركات مقاولات الطرقات والجسور نلاحظ احتكارا مقيتا للصّفقات العمومية من طرف شركة مقاولات بودخان مختار والتي فازت على خلاف كلّ التوقّعات بغالبية عقود أشغال التّغليف بالخرسانة الإسفلتية للطّرقات المرقّمة الرّاجعة بالنظر لعديد الإدارات الجهوية (المنستير - سوسة – المهدية –تونس – منوبة – بن عروس – اريانة - باجة – جندوبة – الكاف - ...) Travaux de revêtement aux enrobés des routes classeés relevant de la DREM....وهكذا يتواصل مسلسل الفساد ليبدّد المال العام وليخرّب وطنا.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire