jeudi 4 février 2016

تمعّش منها تونسيون و أجانب و خاصة الايطاليون : كوليرا الفساد تضرب بقوة داخل وكالة النّهوض بالصّناعة والتّجديد




أحدثت وكالة النهوض بالصناعة بمقتضى القانون عدد 38 لسنة 1991 كما تم تنقيحه وإتمامه بالنصوص اللاحقة وبالأخص ذاك الذي غيّر اسمها إلى وكالة النهوض بالصناعة والتجديد. وبالرجوع إلى ذلك القانون، تتمثل مهام الوكالة خاصة في تنفيذ سياسة الدولة في مجال النهوض بالقطاع الصناعي وبأنشطة الخدمات.
وقد خصصت لها الدولة ميزانية سنوية تفوق العشر مليارات لكي تنجز المهام الملقاة على عاتقها ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. فقد اتضح من خلال المهمة الرقابية التي أجرتها مؤخرا دائرة المحاسبات أن الوكالة تحولت إلى بؤرة فساد للمتمعشين والمتحيلين التونسيين والأجانب الذين وجدوا فيها ضالتهم لنهب المال العام. فقد ثبت لدى مراقبي دائرة المحاسبات وجود إخلالات  ترقى إلى مستوى الجنايات "وتبين من خلال فحص المعطيات المتصلة بالتصاريح وبالمعلومة الصناعية وبإسناد الامتيازات وجود نقائض تعلقت بالاستثمارات المصرح بها وبالاستثمارات المنجزة وبدخولها في طور الإنتاج".
وقد صدم المطلعون حين علموا أن نسبة الاستثمارات المنجزة لم تتجاوز 3 بالمائة من المشاريع الصورية المصرح بها لدى وكالة النهوض بالفساد ونهب المال العام والتحيل "بلغ عدد المشاريع المنجزة خلال الفترة 2008-2012 والتي دخلت طور الاستغلال 1399 مشروعا أي ما يمثل 3 بالمائة من المشاريع المصرح بها. وبلغ حجم الاستثمارات ما قيمته 1.537 مليون دينار أي ما نسبته 6 بالمائة من الاستثمارات المصرح بها. أمّا على مستوى بعث مواطن الشغل فلم يتجاوز عدد الإحداثات الفعلية 54.199 موطن شغل أي حوالي 9 بالمائة مما تم التصريح به".


وعند التدقيق في المنح المالية المسندة من قبل الوكالة خلال الفترة الممتدة من 2008 إلى 2012 والمقدرة بما قيمته 146 مليارا من المليمات تبيّن  ان إجراءات منحها شابتها أعمال فساد شنيعة باعتبار ان محاضر اجتماعات اللجنة المعنية بتلك المنح غير ممضاة . هذا دون الحديث عن غياب أعضائها وتناقض قراراتهم حسب رأس المصرح بالاستثمار "وتبين أن كل محاضر اجتماعات اللجنة غير ممضاة من قبل الأعضاء الحاضرين وهو ما ينزع عنها الصبغة الرسمية ولا يمكن التحجج بها في حالة وقوع نزاعات. وبالإضافة إلى ذلك، اتضح عدم احترام النصاب القانوني في بعض الاجتماعات وتواتر غياب ممثلي بعض الوزارات. وبين فحص قرارات لجنة إسناد الامتيازات انه بالنسبة إلى الحالات التي لم يرد فيها موقف قانوني أو ترتيبي فان اللجنة تتخذ أحيانا قرارات متباينة بالنسبة إلى حالات مماثلة. ويذكر في هذا الغرض قرار اللجنة القاضي برفض المعدات المستعملة التي تكون في حالة قريبة من الحسن في حين تم في حالات أخرى قبول معدات في حالة مماثلة وذلك على غرار قراراتها عدد CF2109024 وعدد CF0512031 وعدد CF1409009".
وقد اغتنم المتحيلون الأجانب وبالأخص الايطاليون الفرصة وانتعاش مناخ الفساد ليتحيلوا على شركائهم التونسيين من الطامعين والأغبياء ويحوّلوا تونس إلى مصب للخردة والفضلات وينهبوا المنح المالية من خلال استثمارات وهمية في أغلب الأحيان للحصول على أكبر قدر ممكن من المنح المالية باعتبار ان المعدات التي يأتون بها مصدرها الخردة حيث أنه لا وجود لنقل تكنولوجيا خاصة أن الفصلين 64 و65 من مجلة التشجيع على الاستثمارات صيغا بطريقة غامضة ومبهمة  لم تنص على إجراءات مراقبة الامتيازات المالية حيث أن ما تجمعه إدارة الجباية باليمين يتم إهداره في الامتيازات المالية بالشمال.
وخلافا لما نص عليه القانون المحدث للوكالة بخصوص القيام بدراسات بغرض تطوير أنشطة الخدمات بعد ضبط تصنيفها، فقد ساهمت الوكالة بصفة فعالة في تخريب أنشطة الخدمات وتخلفها رغم صيحات الفزع التي أطلقها المهنيون وذلك من خلال ابتداع أنشطة خدماتية ساعدت المتحيلين التونسيين والأجانب والمتقاعدين على التلبس بعدد من الالقاب المهنية كالمحامي والمستشار الجبائي ووكيل الإشهار والوكيل العقاري والوسيط القمرقي وغيرها من قبيل "دراسات اقتصادية وقانونية واجتماعية وفنية وإدارية" و"مراكز مختصة في الدراسات والتصرف وتقديم خدمات الإحاطة بالمستثمرين" و"مكاتب الاستشارة في إحداث المؤسسات". فحتى كراس الشروط المتعلق بمكاتب الدراسات الصادر عن وزارة التجهيز داست عليه الوكالة ولم تعمل على احترامه للحد من عدد المتحيلين الذي هو في تنام كما يتضح ذلك من خلال الاعلانات القانونية بالرائد الرسمي. لم يدرك الفاسدون الذين صاغوا الأمر عدد 492 لسنة 1994 المتعلق بقائمة الانشطة الملحقة بمجلة التشجيع على الاستثمارات أو بالا حرى النهوض بالجريمة المنظمة وتبييض الأموال وإهدار المال العام أن تلك الانشطة وردت عباراتها مطلقة بحيث تتضمن الاستشارات القانونية والجبائية وأنشطة أخرى منظمة .
 الأغرب من ذلك أن الفاسدين داخل رئاسة الحكومة ووزارة التنمية ووزارة الصناعة ووزارة المالية رفضوا الى حد الآن إدخال تحويرات على ذاك الأمر الفاسد رغم صيحات الفزع التي أطلقها المهنيون التونسيون المتضررون. أين هو مستشار الحكومة للتشريع والقانون المحسوبة على حكومة النكبة التي تتفرج بسلبيتها على تلك الأخطاء الفادحة التي نمّت التحيل وجعلت من تونس وكرا لتبييض الأموال كما اتضح ذلك من خلال تقرير خلية معالجة المعلومات المالية ببلجيكا الذي كشف العصابة التي بعثت بشركة تحيل مصدرة كليا انطلاقا من تونس.
هل من المقبول أن يتمكن المتحيلون الأجانب من أشباه المستثمرين من بعث شركات بعد إيداع تصاريح بالاستثمار مغشوشة لدى وكالة النهوض بالصناعة والتجديد تحت تسميات مختلفة ليتهربوا من العقوبة السجنية ببلادهم أو ليباشروا أنشطة تجارية في خرق للمرسوم عدد 14 لسنة 1961، علما ان ذلك يندرج ضمن أعمال التحيل المشار إليها بالفصل 15 من نفس المرسوم. هؤلاء المتحيلون ينافسون التونسيين ويقطعون رزقهم ويستنزفون مواردنا من العملة الصعبة بالية أسعار التحويل وتساعدهم في ذلك المؤسسات العمومية التي ما زالت تتعاقد معهم مثلما هو الشأن بالنسبة إلى الشركات الأجنبية لبيع تذاكر المطاعم أو السمسرة في اليد العاملة التي أودعت تصاريح بالاستثمار كاذبة تتعلق بصناعة الورق والاستشارات القانونية والاجتماعية وغير ذلك من الأنشطة والحال أن نشاط السمسرة في تذاكر المطاعم أو اليد العاملة محجر عليها بمقتضى المرسوم المشار إليه. كيف تمكنت تلك الشركات المتحيلة من الحصول على معرّفاتها الجبائية ومن الترسيم بالسجل التجاري في خرق للقانون وتحويل أرباحها دون ان يفتح تحقيق بخصوصها إلى حد الآن ودون ان تتحرك وزارة التجارة ووزارة العدل ووزارة المالية ووزارة الداخلية ووزارة الخارجية ورئاسة الحكومة والبنك المركزي لكي يضعوا حدا لتلك الشركات المتحيلة.
وقد تكونت مكاتب تم بعثها بالشراكة مع مافيا الفساد داخل الوكالة تتولى اختطاف "المستثمرين" منذ اقامتهم بالنزل أو دخولهم مقرات الوكالة لتتولى تعمير التصاريح المغشوشة لهم ومسك محاسبتهم وتقديم الاستشارات القانونية والجبائية لهم وتوطين مؤسساتهم الصورية وغير ذلك من الخدمات الممنوعة. هل من المقبول أن يتمكن بعض اصحاب مراكز "لعمايل" الخاصة وليس "الأعمال" من التلبس بعديد الألقاب المهنية ومن ايواء الشركات المبعوثة على شاكلة صناديق بريد من قبل المبيضين الأجانب  (Domiciliation) وهي شركات مصدرة كليا ليس لها أي وجود بتونس ولا تعرف من التصدير إلا اسمه دون ان تحرك اللجنة التونسية للتحاليل المالية المكلفة بمكافحة تبييض الأموال ساكنا.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire