استغلت عصابة الفساد والإفساد داخل وكالة النهوض بالصناعة والتجديد
غياب المحاسبة والمساءلة لتواصل إهدار المال العام والتمعش منه باعتبار ما تحظى به
من تضامن داخل وزارة الصناعة التي ترعى بدورها الفساد في قطاع المناجم والمحروقات
مثلما اتضح ذلك جليا من خلال التقارير الصادرة عن دائرة المحاسبات والرقابة العامة
للمالية والرقابة العامة للمصالح العمومية والرقابة العامة لأملاك الدولة.
علينا أن لا ننسى شبكة الفساد
الخطيرة داخل وزارة الصناعة التي تمعشت من آلاف المليارات التي أهدرت في إطار
برنامج التأهيل الشامل الذي اغرق من خلاله الاتحاد الأوروبي تونس في المديونية وتم
مص دم المستهلك من ورائه من خلال تكبيده معلوم النهوض بالقدرة التنافسية في القطاع
الصناعي إلى حد هذه اللحظة، علما ان رئيس الحكومة لم يأذن إلى حد الآن للرقابة
العامة للمصالح العمومية وبقية هياكل الرقابة العمومية لكي تنكب على هذا الملف
الخطير الذي ساهم في تعميق أزمة البطالة ببلادنا وحولها إلى وكر للكامورا
الايطالية التي يستغل أعضاؤها الفساد المستشري في أجهزة الدولة لكي تودع تصاريح
بالاستثمار بتونس للحصول على الإقامة والإفلات من العدالة الايطالية وهناك معلومات
متداولة مفادها أن أعضاء من الكامورا يتحصنون بالفيلات الكائنة في سفح الجبل بشاطئ
قمرت.
و تأكد بما لا يدع مجالا للشك ان اغلب الاستثمارات المصرح بها لدى وكالة
النهوض بالصناعة والتجديد صورية وغير جدية باعتبار ان نسبة الاستثمارات المنجزة لا
تتجاوز سنويا 3 بالمائة، علما ان التصاريح الممنوحة بهذا الخصوص من قبل الوكالة
يتم استعمالها للتهرب من دفع الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات. وقد اختصت شبكات
السمسرة والتحيل والفساد، المكونة من قبل بعض المحاسبين والخبراء المحاسبين بالتواطؤ
مع بعض الموظفين الفاسدين، في افتعال التصاريح بالاستثمار الصورية دون ان تفعل
ضدهم الأحكام الجزائية الواردة بالفصل 101 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية
والفصل 96 من المجلة الجزائية والأحكام الأخرى المتعلقة بالرشوة باعتبار ان هؤلاء
يحظون بحماية عصابة الفساد والإفساد داخل وزارة المالية ووزارة التنمية.
سليم شاكر
زكريا حمد
كمال العيادي
وتبين من خلال ملفات صرف
المنح التي تخولها مجلة التشجيع على الاستثمار أن الوكالة لم تحرص على التأكد من
صحة ودقة وتناسق المعطيات التي يقدمها الباعث بما يضمن حسن استعمال الموارد
المخصصة لصرف هذه المنح. ويذكر في هذا السياق، المشروع المتعلق بإحداث معصرة بقيمة
857،261 ألف دينارا حيث تبين ان رخصة البناء التي تم الاستظهار بها كانت بتاريخ 12
نوفمبر 2008 في حين ان المعصرة انطلقت في الإنتاج منذ 11 نوفمبر 2008 وقبل الحصول
على الرخصة، وذلك حسب شهادة الدخول في طور الإنتاج". ويروي بعض المستثمرين
الجديين الذين صدموا من درجة استفحال الرشوة في تلك الوكالة التي تمت خوصصتها من
قبل العصابات التحيل والفساد انه بالإمكان الحصول على شهادة دخول في طور الإنتاج
مقابل رشوة. كما أكد البعض منهم انه عادة ما تتم هرسلتهم بكل الطرق والوسائل لإرغامهم
على دفع رشوة إذا ما رغبوا في الحصول على المنحة المخصصة لهم بمقتضى مجلة التشجيع
على الاستثمارات. الغريب في الأمر ان احد الايطاليين المنتصبين بولاية زغوان عرض
على جاره التونسي الذي تمت هرسلته ان يأتيه بالمنحة المالية المخصصة لمشروعه إذا
ما قبل بدفع الرشوة المطلوبة من قبل العصابة التي يتعامل معها.
فقد تأكدت دائرة المحاسبات من خلال عدد من الاستثمارات ان شهادات
الدخول في طور الإنتاج تباع وتشترى في بورصة الفساد التي طورتها العصابة التي
اتخذت من وكالة النهوض بالصناعة والتجديد مقرا لها "وكذلك كان الشأن بالنسبة إلى
مشروع بعث مكتب خدمات إعلامية بقيمة 20،700 ألف دينارا حيث اتضح ان المؤسسة دخلت
في طور الإنتاج بتاريخ 7 ديسمبر 2007 في
حين أن كل وثائق الإثبات ومؤيدات خلاصها تعود إلى سنتي 2008 و2009".
كما تم التأكد من نفس التجاوزات في وضعية أخرى "كما سجلت نفس
الحالة بالنسبة إلى مشروع بقيمة 3.463،670 ألف دينارا حيث ان المؤسسة دخلت في طور الإنتاج
في 18 أفريل 2008 أي قبل تاريخ اقتناء وتركيز بعض المعدات والتجهيزات ومنها تلك
المصرح بها لدى الديوانة بتاريخ 13 ماي 2008".
و الغريب العجيب تبين وجود
استثمارات صورية تم تبريرها بفواتير مدلسة ومزورة وقد تمكن أصحابها من الحصول على
المنح المالية المنصوص عليها بمجلة التشجيع على الاستثمارات "ويذكر كذلك
مشروع إحداث مستودع تبريد بقيمة 200 ألف دينارا حيث تبين من خلال فحص الفواتير
وجود قرائن حول تدليس البعض منها على غرار الفاتورة عدد 02/2008 بتاريخ 26/09/2008
بقيمة 35 ألف دينارا والفاتورة عدد 20/2008 من مزود أخر بقيمة 10 آلاف دينار وتبين
ان الفاتورتين تحملان نفس الأخطاء اللغوية وانه دون بهما ان المزودين مدينان لباعث
المشروع بالمبالغ المضمنة بهما. واتضح ان إثباتات خلاص الفاتورة الثانية متضاربة
في ما يتعلق بمرجع الصك وتاريخه مقارنة بتاريخ الفاتورة وبما ورد في وصل الخلاص
الذي اقر المزود بمقتضاه حصوله على مستحقاته".
كما تأكد وجود ملفات أشباه المستثمرين أو الباعثين، الذين هم في
الحقيقة أعضاء في عصابة فساد وضعت يدها على مؤسسة عمومية لتحولها إلى بؤرة فساد،
لا تتضمن المؤيدات اللازمة لتبرير المنح المالية التي نهبوها بالتواطؤ مع عصابة
الفساد والرشوة "ولوحظ من جهة أخرى، ان ملفات الباعثين لا تتضمن الإثباتات
الكافية لمصاريف التهيئة واقتناء الأرض والهندسة المدنية حيث يتم الاقتصار على
تقرير الاختبار الذي يقدمه الباعث دون الاعتماد على عقود او فواتير تبرر انجاز الأشغال،
وتبين من خلال فحص هذه التقارير انه لا يتم تحديد حالة البناء (جديد او قديم او تم
إحداثه بمناسبة الاستثمار) رغم انه تم بمقتضى مذكرة العمل عدد 15143 بتاريخ 13
ديسمبر 1999 التأكيد على ضرورة ان يتم ذكر هذه المعطيات مع تحديد سنة الأشغال".
كما تبين من تضارب الوثائق المتعلقة بإثبات خلاص
المعدات والتجهيزات المقتناة في إطار تلك الاستثمارات الصورية "ومن ناحية أخرى،
لوحظ أحيانا تضارب وثائق إثبات الدفع مع الفواتير المرفقة بها مثلما هو الشأن
بالنسبة إلى المؤسسة المنتفعة بامتيازات بمقتضى مقرر عدد CF2508005
والتي تضمن ملفها الفاتورة عدد 113 بتاريخ 11
ماي 2009 والتي ادرج بها ان الخلاص تم بواسطة صك غير الذي ارفق بالملف والمحرر
باسم مزود آخر".
لقد استبشرنا خيرا اثر العملية الإرهابية بمنطقة القنطاوي حين اتخذ
القرار المتعلق بالتثبت من الوضعية القانونية لكل الأجانب المقيمين بتونس باعتبار
ان عددا كبيرا منهم متحيلون ونصابون وينتمون للمافيا الدولية ولكن تجري الرياح بما
لا تشتهي السفن. لم يتم تفعيل ذاك القرار لان الفاسدين صلب الأجهزة يتمعشون من
وراء هؤلاء. لماذا لا يبادر الحبيب الصيد بتكليف الرقابة العامة للمصالح العمومية
لكي تحقق في وضعية مئات آلاف التصاريح بالاستثمار التي يقوم بها المتحيلون
التونسيون والاجانب وبالأخص المنتمون للمافيا الايطالية والدولية. لماذا لا يجعل
الوزير المكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد من ملف وكالة النهوض
بالفساد اولوية من اولوياته. لماذا لا يتعهد الوكيل العام بمحكمة الاستئناف ووكيل
الجمهورية بتونس بهذا الملف الخطير الذي يخفي وراءه شبكة فساد مترامية الأطراف
A suivre
RépondreSupprimer