الخلل في فهم حقيقة التّكييف القانوني للجرائم الدّيوانية الذي وقع
فيه قاضي التّحقيق المتعهد بالقضيّة الشّهيرة "قضية الفوشيك
بصفاقس" ونعني به فوزي المصمودي
تسبّب بديهة في انتهاك حريّات واستباحة حقوق وإفلاس شركات أو مصادرة أموال وحجز بضائع وتشميع محلاّت هذا
دون اعتبار المآسي الاجتماعية المترتّبة... تصوّروا قضيّة قمرقيّة عاديّة تقع في
كل مناطق البلاد في اليوم عشرات المرّات تنفخ فيها بعض الأطراف الخفيّة إرضاءً
لأهوائها وأغراضها المشبوهة فتتفرّع فجأة القضيّة الدّيوانية
داخل مكتب التّحقيق الأول بالمحكمة الإبتدائيّة بصفاقس 1 الى 22 قضيّة ما أنزل
الله بها من سلطان (جنح ديوانيّة – مخالفات صرف – جنح حقّ عام – جنايات - ...) ملزمة لأحكام بالسّجن لمئات السّنين ولخطايا
ماليّة بعشرات المليارات...
قضية الفوشيك بصفاقس والتي أخذت حيزا إعلاميّا مبالغا فيه وضجّة صاخبة على الصّعيدين المحلّي والدّولي لكنّها في الحقيقة كانت مجرّد زوبعة في فنجان تهدف أساسًا الى تصفية حسابات قديمة عالقة بين أصحاب النّفوذ بصفاقسوقد استعملت فيها صبرة واحدة جميع الأجهزة من حكومة ومجلس نوّاب الشّعب وأمن وديوانة وقضاء وكأن قضية الفوشيك تختزل الحلول لمشاكل تونس المستعصية من التّهريب إلى الإرهاب ومرورا بالاغتيالات السياسيّة والإفلاس والإجرام والتّنمية والاستثمار والبطالة والتّشغيل...وبطريقة مفضوحة تمّ تحويل وجهة القضية الدّيوانية من القانون الديواني إلى القانون الجزائي وتغيير تكييف القضية التهريبية الواحدة والتي يقضى فيها عادة حسب طلبات الديوانة بين 16 يوما وشهرا سجنا وبالخطية إلى حزمة من القضايا الجنائية طبق منطوق الفصول 96 و32 و82 و83 و91 من المجلّة الجزائية ويقضى في الواحدة فيها عادة بين 5 و10 سنوات سجنا ... تصوّروا جريمة تهريب عادية يقع تكييفها زورا وبهتانا على أنها مجموعة جرائم حق عام ...وبديهة أن تتواصل أعمال قاضي التحقيق المتعهّد فوزي المصمودي على مدى 11 شهرا بالتّمام والكمال (من مارس 2015 الى فيفري 2016) على نفس الإيقاع وليرتفع عدد القضايا المتعلقة بالمتورّطين بصفة مباشرة أو غير مباشرة الى 22 قضيّة متفرعة (11 قضية جنائية و11 قضية ديوانية) والغريب في الأمر أن عدد المتورّطين بلغ أيضا 11 نفرا ... هناك من علّق للتندّر على تواتر رقم 11 عديد المرّات بأن السرّ لا يعمله الاّ القاضي فوزي المصمودي وشريكاهفي التعسّف في تطبيق القانون والانحراف بالسّلطة 180 درجة الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بصفاقس محمد عبيد والنّائب عن جهة صفاقس محمد أنور العذار. .
وزير الماليّة سليم شاكر وراء تهويل الأمور لغاية في نفس
يعقوب
لأوّل مرّة في تاريخ تونس يدخل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزراء
المالية والدّاخلية والعدل ومجلس نواب الشعب (لجنة المالية والتخطيط والتنمية) على
خطّ قضيّة تهريب عادية ربّما للرّكوب على
الأحداث أو لتحقيق هدف غريب أو لتعليق فشلهم على شمّاعة المهرّبين المتورّطين ... وزير المالية سليم شاكر سارع إلى التّدخل بطريقة فوضويّة
في ملف تعهّد به القضاء ليصرّح أوائل شهر افريل 2015 بأن وزارة المالية لاعلاقة
لها بقضية تهريب الألعاب الناريّة الفوشيك التي تمّ الكشف عن تفاصيلها موضّحا أن
هذه القضية أصبحت من مهام القضاء وحده كما اعترف في ذات السّياق بأنه وبعد أن
علم بالقضيّة عمل على واجهتين في هذا الموضوع من ناحية إعلام رئيس
الحكومة ووزيري العدل والدّاخلية بالأمر لأن الوضع حسّاس ويمكنه أن يخلق أزمة في
البلاد!؟ومن تصريحات وزير الماليّة نفهم أوّلا أنّه لا يفقه في مجال التّهريب ولا
في قانون مجلة الدّيوانة وهو الذّي أكّد بعظمة لسانه أن قضيّة الفوشيك بصفاقس لا
علاقة لها بوزارة المالية وبالتّالي لا علاقة لها بالدّيوانة والحال أنها قضيّة قمرقيّة
من اختصاص إحدى الإدارات الهامّة التّابعة لوزارته !؟ وقد يكون الوزير من وراء
تصريحاته أراد توجيه رسالة مشفرّة إلى قضاء صفاقس المرتهن للتّعليمات ...
فما معنى
بربّكم عبارة"الوضع حسّاس ويمكنه أن يخلق أزمة في البلاد" ؟ألا يعني هذا
تدخّلا سافرا في الشأن القضائي ومحاولة مكشوفة للضّغط عليه ؟ وما المقصود من أنّه
قام بإعلام رئيس الحكومة ووزيري العدل والدّاخلية بالأمر ؟ وهل وزير الداخلية السابق ناجم
الغرسلّي كان بحاجة لإعلامه بموضوع اكتشفته إحدى الفرق الأمنية أواخر شهر مارس
2015 وتعهّدت به فرقة الشّرطة العدليّة بصفاقس المدينة غير المختصة ؟ ونفس الشيء
بالنسبة إلى رئيس الحكومة الصيد والذي كانت يصله بصفة دورية العرض اليومي لوزارة
الدّاخلية !؟ تصريحات وزير المالية زمنها سليم شاكر لم تكن إلا تعليمات موجّهة
رأسا للقضاء المتعّهد لكي ينكّل بالمتورّطين على خلاف القانون... خصوصا إذا علمنا
بأن الوزير سليم شاكر تجمعه علاقة صداقة متينة بالنائب محمد أنور العذار وقد يكون هذا سببا رئيسيا وراء التّصريحات
الناريّة لوزير الماليّة ووراء تخلّي الدّيوانة عن قضيّة من اختصاصها الحصري وذلك
خدمة لمصالح شخصيّة لا علاقة لها بمكافحة التّهريب من أساسه... وعلى قول المثل الغاية
تبرّر الوسيلة! .
لجنة الماليّة بمجلس النوّاب تتدخّل في سير قضيّة ديوانيّة
تفاعلا مع قضية الفوشيك بصفاقس قامت الدّنيا ولم تقعد بمجلس نواب الشّعب
واجتمت لجنة الماليّة والتّخطيط مع وزير الماليّة سليم شاكر ومع كاتبة الدّولة
السّابقة لدى وزير الماليّة بثينة بن يغلان ومع مدير عام الدّيوانة السّابق كمال
بن ناصر الشّهير بكنية كاصكة الثاني ومع مدير إدارة الأبحاث عبد الرزاق اللّطيف
الشّهير بكنية رزوقة دجاج حيث ندّد أعضاء اللّجنة بالتهّريب والتّجارة الموازية وأبدوا
خشيتهم من أن تقع لملمة قضيّة الفوشيك بصفاقس وعدم محاسبة المتورّطين فيها وليصل
الأمر ببعض أعضاء اللّجنة الموقّرة في إطار المزايدة الى حدّ تشبيه عمليّة تهريب
الفوشيك بعمليّة تهريب الأسلحة زاعمين أن من يهرّب الفوشيك بإمكانه تهريب الأسلحة
والحال أنه بإمكان كلّ المهرّبين على حدّ سواء تهريب الأسلحة وليس الأمر مقتصراعلى
مهرّبي الفوشيك...
والغريب في الأمر أن نفس لجنة المالية التي تحركت بسرعة خلال شهر
افريل 2015 للضّغط على السّلطة التنفيذية والقضاء من أجل الحزم أكثر من اللّزوم في
قضية الحال ، صمتت عن الكلام المباح في قضيّة فساد مالي وتبييض الأموالعلى غاية
الخطورة تورّط فيها إمام جامع اللّخمي المعزول رضا الجوادي (موضوع المحضر العدلي
لفرقة الشّرطة العدليّة بصفاقس المدينة عدد 1530 وتوابعه لسنة 2015)وأيضا قضيّة
حلوى الشّامية الفاسدة والتّالفة والتي تورّط فيها محمد بن أحمد التّريكي صاحب
معمل حلويات النّاعورة LA CONFISERIE TRIKI "LE MOULIN"(CTM)(محاضر عدلية عدد 461 وعدد 925 لسنة 2015 لأمن صفاقس)كذلك في قضايا
تهريب أكثر خطورة مثل قضيّة كينغ التّجهيزات المنزليّة نجيب قيراط (محضر حجز
ديواني عدد 260 وتوابعه لسنة 2015 ) وقضيّة تهريب السّجائر نحو فرنسا وإيطاليا والتي تورّط فيها قيادي
نقابي بمنظمة الأعراف CONECT المدعوّ عماد قرع
(محضر عدلي لإحدى فرق الإدارة الفرعيّة للقضايا الإجراميّة بالقرجاني لشهر جانفي
2016) ... طريقة تعامل مجلس نوّاب الشّعب مع قضيّة الفوشيك بصفاقس بمكيال أعوج أو
أعرج جاءت لتؤكّد أن جهات متنفذة داخل المجلس حرّكت الملف على طريقتها وعلى هواها
نكالة في المتورّطين من أبناء جهة صفاقس ممّن يكنّون لهم عداوة تاريخيّة...ولو أن
التّصريحات الناريّة الإعلاميّة للنّائب عن حزيب/ آفاق تونس محمد أنور العذار خلال تلك الفترة بخصوص التّشهير المجاني بالمتورّطين وتهديده للقضاء
وتطاوله عليه إلى حدّ التّلويح بتشكيل لجنة لمراقبة سير قضيّة تهريب الفوشيك
... تصريحات جاءت لتؤكّد أنه من يقف وراء الزّوبعة المفتعلة للتّأثير على سير
الأبحاث لتصفية حسابات قديمة مع غريمه الأبدي رجل الأعمال محمد دمق على قول المثل"حوت
يأكل حوت وقليل الجهد يموت"!
فرقة الشّرطة العدليّة بصفاقس المدينة حلّت محلّ الدّيوانة
وخرقت كلّ القوانين
فرقة الشرطة العدليّة بصفاقس المدينة أجازت لنفسها ما لا يجوز بعد أن
حصلت من إحدى الجهات الفاعلة على صكوك على بياض لتحرير أقصى عدد ممكن من المحاضر
العدلية ضد أقصى عدد ممكن من المتورطين فكالت التّهم جزافا على الهوى والهويّة .وانطلاقا
من البحث في قضية تهريب الفوشيك توسّعت الأبحاث بمقر الفرقة لتشمل عشرات القضايا
الصورية والافتراضيّة الخاصّة بعمليّات توريد سابقة للملابس الجاهزة والأحذية
وغيرها وعلى قاعدة "معيز ولو طاروا" سمحت فرقة أمنية غير مختصّة (في
المجال القمرقي)لنفسها بأن تحلّ محلّالديوانة وتقوم بأعمال ليست من اختصاصها أهمّها
عمليّة المعاينة التي لا تكون إلا من طرف إحدى الإدارات المختصّة (الأبحاث
الديوانيّةأو الحرس الديواني)وليصل الأمر
الى حدّ الاستنجاد بخبراء آخر زمان للكشف عن الإخلالات القمرقية
والمحاسبتيّة(خبيري المحاسبة عبد العزيز القرمازي وعادل قصارة ومهندس الإعلامية
جمال بشّة)وكل ذلك من أجل إثقال كاهل المجموعة المتورّطة رفع المخالفات الممكنة
والمستحيلة على قاعدة "زيد الماء زيد الدقيق "...وهو ما اعتبره المختصّون والمتابعون تعسّفا في استعمال
القانون إذ لم يسبق أن استبعدت الدّيوانة من البحث في أيّة قضيّة قمرقيّة حتى لو
ثبت تورّط بعض أعوانها ! وحتى لو كان أعوان الأمن وراء الإطاحة بعصابة التّهريب !؟فالقانون
واضح ولا يحتاج إلى التّأويل التّفسير والتّفلسف حيث يتمّ ضرورة إعلام الدّيوانة
والنّيابة العموميّة للتعهّد بملف قضيّة التّهريب ومباشرة الأبحاث فيها مع كافّة
المتورّطين والمشاركين ومعاملتهم على قدم المساواة وفي تطبيق سليم للقانون ...ولكن
للأسف الحقيقة ضاعت منذ اللّحظات الأولى وتاهت في الطريق بين المقرّات الأمنية
وكواليس محاكم صفاقس ودهاليز الغرف المظلمة.
قاضي التّعليمات فوزي المصمودي ينجز كالعادة المهمّة بتميّز طبق رغبات الوكيل العام محمّد عبيد
"من مرقتو تعرف عشاه " ...فمنذ اللّحظات
الأولى لانطلاق ملف قضيّة الفوشيك بانت الحقيقة المغيّبة حيث قرّر وكيل الجمهورية
بالمحكمة الابتدائية بصفاقس 2 بتاريخ 01 افريل 2015 اعتمادا على محضر البحث عدد
496 المنجز من طرف فرقة الشرطة العدلية فتح تحقيق في قضيّة تهريبيّة من أجل "
ارتشاء من موظف عمومي وهو الباعث على ذلك الغريب
..." وبعد أن باشر التّحقيقات أحد قضاة تحقيق المحكمة المذكورة تقرّر فجأة التخلّي
عن القضيّة وإحالتها على أنظار وكيل الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بصفاقس 1 والذي
أذن بفتح بحث تحقيقي لدى قاضي تحقيق المكتب الأوّل فوزي المصمودي الملقّب بكنية "قاضي
التّعليمات" وهذا الاجراء يتخالف مع منطوق الفصل 51 م.ا.ج. ...
القاضي
المصمودي تلقّف المهمة المستعجلة وأنجزها كالعادة على الوجه المطلوب وحسب رغبات
الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بصفاقس محمّد عبيد وذلك في خرق مفضوح لكل القوانين وعلى
خلاف العادة والعوايداستبعدت الدّيوانة من الأبحاث والاستنطاقات... القاضي
المصمودي كان يعمل في تناغم غير مبرر مع جهاز النيابة العمومية وكأنه تابع فساندها
في طلباتها وتفادى توجيه تهم ديوانية للمهربين وليقتصر عمله على تثبيت التهم
الموجّهة من النيابة العمومية وتكييف التهم حسب الطلبات والرغبات... وهو ما اعتبره المختصّون والمتابعون تعسّفا في استعمال
القانون إذ لم يسبق منذ انبعاثها أن استبعدت الدّيوانة من البحث في أيّة قضيّة
قمرقيّة حتى لو ثبت تورّط بعض أعوانها ! وحتى لو كان أعوان الأمن وراء الإطاحة
بعصابة التهريب !؟فالقانون واضح ولا يحتاج إلى التّأويل والتّفسير والتّفلسف حيث
يتمّ ضرورة إعلام الدّيوانة والنّيابة العموميّة للتعهّد بملف قضيّة التّهريب
ومباشرة الأبحاث فيها مع كافة المتورطين والمشاركين ومعاملتهم على قدم المساواة
وفي تطبيق سليم للقانون ...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire