mardi 22 décembre 2015

حتّى لا ننسى : النّهضة ومخطّط الهيمنة على وزارة التعليم العالي



كانت وزارة التعليم العالي من بين الوزارات التي سارعت حركة النهضة إلى السيطرة عليها عقب انتخابات اكتوبر 2011 و أسندتها إلى واحد من أبرز رجالاتها و اكثرهم  غلوّا  فكرا و خطابا  متطرفين على أمل أن تتمكن من تدجين  الجامعة التونسية و فرض خطها الفكري في ساحات الكليات و المعاهد العليا و المبيتات و المراكز الثقافية و لم يكن ذلك ليخلو من بعد استشرافي يرنو إلى السيطرة على ساحات من أهم ساحات تكوين قادة الفكر و فرسان النضال و لا من بعد "نوستلجيّ"  يحن إلى تلك الايام الخوالي أيام النضال الطلابي في الثمانينات و أوائل التسعينات من القرن الماضي و ملاحم التواطؤ حينا مع النظام و التصادم معه حينا آخر.
فما إن حل الوزير الراحل المنصف بن سالم بشارع اولاد حفوز حتى بدأت آلة الحزب الحاكم في الاشتغال و فتحت أكثر من جبهة في الوزارة : جبهة إدارية و أخرى طلابية و ثالثة نقابية و جميعها ترفع شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة الأمّ معركة السيطرة على الجامعة التونسية فاختار الوزير وهو الأستاذ"العارف" بدواليب الجامعة رئيسا لديوانه سفيان المنصوري و هو مساعد جامعي و نهضوي مصنف من بين وجوه الجهاز السري للحركة و عين في ديوانه المستشارين و المكلفين بالمهمات من بين أصدقائه الشخصيين و "المناضلين" الاسلاميين بغض النظر عن مؤهلاتهم و كفاءتهم  . و تتالت التعيينات في الوزارة  و أطلق سفيان المنصوري يدهينتدب و يرقي و ينقل و يعزل و كان الوزير يصادق على كل قراراته و يمضي عليها بأعين مغمضة و نتج عن هذا أن تمّ تدجين جميع المديرين العامين  و المديرين من دون استثناء و التضييق على الكفاءات التي جاء بها الوزير أحمد ابراهيم و آل الامر كلّه إليه خصوصا بعد المواجهة مع المتفقد العام.


و لكي يتمكن من اطلاق يده بالكامل دون منغضات عمد رئيس الديوان إلى ربط صلة الود بالنقابات الفاعلة بالوزارة باستثناء الجامعة العامة للتعليم العالي غير القابلة للتدجين فقد سلك سفيان المنصوري سياسة التحالف التكتيكي مع النقابة العامة لعملة التعليم العالي و النقابة العامة للموظفين و أعوان المخابر بدل المواجهة في مرحلة تمدّد للنقابتين ففضل الاستفادة منهما مهما تبلغ التنازلات و عمل على أن تتخذ مطالب النقابتين منحى شخصيا فيحقق لمحمد ثابت و زكية الحفصي جميع الرغبات بدءا بانتداب أقاربهما في مؤسسات التعليم العالي من دون سقف أو حد و ترقية  من يوصون به من موظفين في الدواوين و الجامعات دون تحفظ فكان ان انتدبت زوجة السيد محمد ثابت ثم عينت وكيل مقابيض في الحي الجامعي فطومة بورقيبة بالعاصمة  رغم انها كانت في رتبة عاملة ليتسنى تمكين محمد ثابت من سكن وظيفي .

و ليت الامر اقتصر على هذا فقد تكفل السيد سفيان المنصوري أيضا بعزل كل من يطلب النقابيون عزله كائنا من كان فبدأت رحلة التشفي و الانتقام و تصفية الحسابات و الجشع و التغول مناصفة بين حزب حاكم طامح لانتداب اتباعه بالجملة في كافة انحاء الجمهورية  و قد بلغت الخساسة ان طلب النقابيون إزاحة مدير كان قد وجه استجوابا للكاتبة العامة للموظفين منذ 25 سنة و طالبوا بإزاحة مدير آخر للاستفادة من مسكن وظيفي يشغله و في المقابل سمحت هذه الوضعية المريحة للسيد رئيس الديوان بعزل من رأى في عزله فائدة فتمكن من تعيين صهره مديرا بمبيت فطومة بورقيبة و إلحاق اخته نائبة مدير بالمبيت الجامعي نهج هارون الرشيد و إلحاق اخته الأخرى بمعهد بورقيبة للغات الحية و طمع في الوليمة حتى المستشارون بالديوان فعينوا أقاربهم في مؤسسات بنزرت و سوسة و نابل من دون حساب و طمع عبد الرحمان شلبي المدير العام لديوان الشمال و رشح إحداهن لتكون مديرة مؤسسة بالمنزه . !!!

ولقد كانت الطريق مفتوحة أمام وزارة المنصف بن سالم للتخلص من عديد الوجوه و السطو على الوزارة في وضح النهار فعزلت 4 مديري مراكز ثقافية جامعية دفعة واحدة بالمهدية و سوسة و تونس و منوبة و لا من يعارض بل بمباركة من النقابة التي اخذت نصيبها من الميراث و ترى الأمور حسابات وامتيازات لمنظوريها لا غير .
و لم تكن الوزارة أقل إسفافا من النقابة فقد تم عزل مديرة يزعم أنّها  تسببت في سجن العجمي الوريمي عندما كانت قبل 28 سنة من الطلبة الدساترةفي كلية 9 أفريل ثم تراجعوا عن ذلك درءا للشبهة و منعا للفضيحة و لم تكن ملحمة سفيان المنصوري لتتعثر بالرغم من فاجعة اغتيال محمد البراهمي و لم توقفها عند حدها سوى استماتة ثلة من المديرين في الدفاع عن خططهم و استصدارهم أحكاما استعجالية باتة من القضاء الاداري و إثارة حملات صحفية و تحركات نقابية طيلة النصف الثاني من سنة 2013 إلى جانب المتغيرات الدولية و الاقليمية و اشتداد اعتصام الرحيل فسقطت حكومة علي العريض و باءت الخطط الهجومية الرامية  للسيطرة و التحكم بالفشل الذريع و تحوّلت إلى مجرد مناورات للحفاظ على المكتسبات المشبوهة و منع افتضاح أمرها حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.



و من مفارقات الدهر أن تتكفل بهذه المناورات الأطراف النقابيةنفسها التي سهّلت موجات العزل و الانتداب في عهد الترويكا فتتعهد بحماية التعيينات النهضوية بأنواعها و بمنع عودة المعزولين الذين انصفهم القضاء و تقف إلى جانب  بعض الوجوه المشبوهة من الحرس القديم من امثال عبد الله السماعلي المكلف بمأمورية بديوان الوزير منذ عهد المنصف بن سالم و حسن فري المدير العام لديوان الخدمات الجامعية للشمال و منير عبيد المدير العام لديوان الخدمات الجامعية للوسط  و الظاهر أنهم حريصون على درء الفضيحة التي ارتكبت ذات يوم بمباركتهم و تحت ابتساماتهم في حفلات توقيع جلسوا فيها إلى جانب الوزير لا لتحقيق مكاسب لقواعدهم بل لتحقيق مآرب لذواتهم  ..وللحديث تتمة .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire