vendredi 25 décembre 2015

الثّورات يخطّط لها الدّهاة، وينفّذها الأبطال ويجني ثمارها الجبناء؟



إذا عادت بنا الذّاكرة سنوات قليلة إلى الوراء  وأعدنا ترتيب الأحداث التي تسارعت وعجّلت برحيل الرئيس السابق يوم 14 جانفي 2011 سنتأكد بما لا يدع مجالا للشك أن إرهاصات الربيع العبري الذي  خلع عليه كذبا توصيف " الربيع العربي " قد طبخت على نار هادئة في مصانع المخابرات الأمريكية والبريطانية والألمانية والفرنسية بتنسيق مع قناة الجزيرة التي سوّقت لنا  صورة محمّد المنصف المرزوقي باعتباره المهدي المنتظر الذي سيأتي ببرنس أسود " وكلاسط " بيضاء ليفرج كربتنا  ويرد عنا طوابير الأعداء ، كما فتحت منابرها للإخوان صباحا مساء  حتى يقنعوا أبناء الشعب التونسي بأنهم خير خلف لأسوأ سلف ..فلما حدث ما حدث ووقع ما وقع عرف أبناء الوطن الطيب أنهم خدعوا وأنهم استبدلوا السيء بما هو أسوأ منه والفساد بما هو افسد منه .. هذا الطور الأول للثورة  وهذا وجهها القبيح .. وجه أكد بما لا يدع مجالا للشكّ أن المال القذر كان القطب الذي دارت عليه رحى الثورة التونسية  وغيرها من الثورات ولم تصمد سوى الجزائر والمغرب وسوريا التي رغم الحصار والدمار ما زالت عصية على " أبناء الكلب " وما أكثرهم في الداخل والخارج .

لا شكّ أنّ أبناء المناطق المهمشة والحواري الفقيرة لما خرجوا يطالبون بالكرامة والحرية فاستشهد منهم من استشهد ، وأصيب منهم  من أصيب كانوا شجعانا أبطالا حتى وإن شحنتهم وسائل إعلامية  تعمل وفق أجندات صهيونية ، ولا شكّ في أنّ احلامهم بأنه بالإمكان أحسن مما كان ما فتئت تتلاشى من يوم إلى آخر فمن حكومة إلى أخرى ومن انتخابات إلى انتخابات يقف أبطال الثورة حيارى سكارى يتساءلون  لم أكلت الثورة أبناءها ؟ هل أن دورهم انتهى ؟  أكانوا وقودا لثورة أرادوها حلما جميلا فكانت كابوسا مرعبا ؟ هل " دولة الثورة " التي أسسوا بنيانها تساقطت عليهم جدرانها ..وانهارت حيطانها ..فطمع فيها القاصي والداني وبدل رئيس يخطئ ويصيب كان رؤساء أغلبهم أساء ولم يحسن ..وعوض حكومة ظلّ واحدة تناسلت حكومات ظل كثيرة لا نستطيع لها عدا ولا ردا ..وبدل عائلة حاكمة فاسدة وجدوا عائلات كثيرة كلها تبيع وكلها تقبض الثمن ؟؟ هذه الأسئلة وغيرها تلخص الطور الثاني للثورة طور من يفعل جميلا فيكون جزاء ما صنع،  جزاء سنمار !


أما الطور الثالث والأخير طور الجبناء والانتهازيين والوصولين الذين يقطفون زرع غيرهم  فآياته كثيرة لا نستطيع في هذا المقام أن نعدّها أو نردها ..فالذين  شاركوا في الثورة في حركاتها وسكناتها وفي بدايتها ونهاياتها كالمحامي والمناضل الناصر العويني انسحبوا في صمت تاركين المنابر الإعلامية والمناصب السياسية والإدارية للنطيحة والمتردية وما أكل السبع  بل تركوها لكل عتل زنيم ..هكذا بدأت الثورة التونسية عفوية في الظاهر مدبرة بإتقان إذ نظرنا إلى المسائل.  بموضوعية وتروّ.. أكذوبة طارق البوعزيزي الذي أصبح اسمه محمد حتى يضمخ بدلالة أسطورية ميتافيزيقية  ..عاطل عن العمل يصبح من أصحاب الشهادات العليا حتى يتمّ شحن العاطلين عن العمل ..يوم جمعة يقال فيه للرئيس السابق " اخرج أنت وزوجك من تونس ..واهبط ارض الحجاز " لنكون نحن من الحاكمين ..فلما قضي أمر المخابرات وذهب في الظن أن الوافدين الجدد سيكونون للثورة حماة وللوطن رعاة  وجدناهمللكراسي  ولبيع الوطن عشاقا ووجدناهم لخيرات الوطن ومقدّراته سراقا ..أليس في ذلك ما يؤكد أنّ   الثّورات يخطّط لها الدّهاة، وينفّذها الأبطال ويجني ثمارها الجبناء؟



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire