استمعت في إحدى القنوات
الفضائية إلى موقف البشير بن حسن من الشيعة... كان موقفا راديكاليا ومنغلقا
على ذاته... إنه يرى أن الشّيعة خارجون عن الإسلام وأنّنا نحن معشر أهل
السُنّة، نَدين بالإسلام الحقيقي الصافي ، واتَّكَأَ في ذلك على قضية مصحف فاطمة،
وشتم الشّيعة لبعض الصحابة، ولعائشة زوجة النبي تخصيصا، وقولهم في الإمامة.
ودَلَّنا ذلك على أن الشيخ "بشير" لا يمتلك معرفة
بتاريخ الإسلام الأول، و أحداث الفتنة الكبرى، ومناهج التأويل والتفسير للكلام
الإلهي... وهو ذات الموقف الذي ينحاز إليه الإسلام السنيّ التقليدي عادة. هو موقفٌ
يُجيزُ نَبْذ الآخر، وإقصائه، واستباحة دمه، وإخراجه من الملّة، لأنه لا يشاركني
أنا تأويلي للنص القرآني المقدس.
.. إنه يتأسّس على رفض مبدأ الاختلاف في الأفكار والمعتقدات، وأن الإسلام عنده هو إسلام واحد لا يقبل التعّدد والاختلاف في فهم القرآن ما عدا تفسير مدرسته للكلام الإلهي.
.. إنه يتأسّس على رفض مبدأ الاختلاف في الأفكار والمعتقدات، وأن الإسلام عنده هو إسلام واحد لا يقبل التعّدد والاختلاف في فهم القرآن ما عدا تفسير مدرسته للكلام الإلهي.
إن هؤلاء الأئمة والمشائخ التّقليديون جدا، والذين ينتسبون إلى إسلام المذاهب،
مطالبون بإعادة قراءة المصادر التاريخية للشيعة وللسنة على حدّ السّواء: تاريخ
الأمم والملوك للطبري، والملل والنحل للشهرستاني، ومروج الذهب للمسعودي الشيعي
ومقدمة ابن خلدون، وعليهم أن يقرؤوا موروث المعتزلة والمتصوفة في الفكر
الديني الإسلامي.
وهم مطالبون أيضا بمراجعة مواقفهم الغالطة... من أجل التأسيس لخطاب ديني متسامح يقبل بحق الاختلاف في التأويل، وفي فهم النص القرآني وإدراك مقاصده العميقة.
أما الاكتفاء بموقف
يدعو إلى إفناء الآخر في خطاب ديني منغلق ومتشدد لا يقبل التسامح أصلا ويُجيز قتال
من تشَيّعَ، فان في ذلك دعوة إلى التقاتل والاحْتِرَاب بين المسلمين والفتنة
وإضعاف لشوكتهم وتقسيم لفكرة الجماعة المؤمنة، والفتنة أشد من القتل.
لعلّه من المؤسف، أن نرى عالما عربيا ومجالا إسلاميا يتفتّت، وتشتعل فيه الحروب في
العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا، يموت فيها الآلاف باسم الدين، والدين منهم
براء... فيقتل الحشد الشعبي الشيعي في العراق، ويحرق القرى، ويشرد السكان باسم
المذهب الشيعيّ... ومثله تقتل داعش والنصرة في سوريا باسم المذهب السنّي ... وما
رأينا فيهم مقاتلا من أجل قضية وطنية جامعة مثل القضية الفلسطينية، لأجل ذلك نحترم
نحن حزب الله وسمير القنطار وحسن نصر الله.
يا شيخ
الدين... يا خطيبا في المساجد، كيف لك أن ترى مناضلا مثل "سمير القنطار"
قضّى 30 عاما في سجون إسرائيل، ورفع السلاح ضد الصهيونية والامبريالية
الامريكية... أن تراه كافرا ورافضياونصيريا ومرتدّا... وتبتهج لموته، ما هذه
الكراهية العمياء وهذا الغلّ والحقد والبغضاء...كيف ترى مقامك عند مقام السياسي
حسن نصر الله، ذاك الذي قاتل إسرائيل لأكثر من 30 عاما ؟ وحرر أرضا عربية محتلة
وحرر الأسرى العرب ومرّغ أنف إسرائيل في الوحل... تسبّه بأنه نصر اللاّت... أو ناصر
الوثن ما لكم كيف تحكمون؟.. اخجل أنا السنيّ، لأن من واجه دولة إسرائيل مواجهة الرّجال،
على قاعدة الوطنية والعروبة والإسلام، لم يكن سنيا، وإنّما هو ذاك الذي ينتسب إلى
الإسلام السياسي الشيعي.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire