mardi 22 décembre 2015

ورقات من أرشيف الذّكريات : كواليس الحكايات المنسيّة عن التّلاعب بالاقتصاد و الماليّة و تضليل الشّعب بالأرقام الوهميّة (1)



من فلتات  الزمن  الغابر  أن  الاقتصاد  التونسي  ظل  بين  يد  غير أمينة.. يد حولته لخدمة أجندا معيّنة ... و من  غلبة  الدهر أن  هؤلاء  استطاعوا  أن  يتحوزوا على أعلى المراتب و المناصب  فكانت   الخزعبلات و الصراعات و الحسابات  و غيرها من الكليشيات  التي  تصب  في مدار واحد  هو راس السلطة و الغنيمة بها  ...  الثورة  نيوز جمعت  قطوفا  دانية مما جرى في السابق  و ستحاول  كل  أسبوع   في  شكل  فقرات  استحضار  الماضي  و ربطه بالحاضر  إيمانا  منها  أن  من لا ماضي له لا حاضر له  حتى و إن كان ماضيا أسود .. من هؤلاء نذكر محافظ البنك المركزي توفيق بكار .
     فمن سنة 1995 إلى سنة 1999 وجد بكار نفسه على رأس وزارة التنمية الاقتصادية و من ذلك الحين شرع في صقل مواهبه في ميدان الشعوذة والمقصود به هنا  فبركة المعلومة في شكل اتصال موجه لجلب الانتباه، بيد أن كل خصومه يعترفون له بقدرته الفائقة على  تلميع صورته على  حساب و أنقاض سابقيه في المسؤولية التي يتولاها. حيث  تحين  فرصة وجوده على رأس وزارة المالية لينتقم لنفسه وباسم القانون من الخبير المحاسب فتحي كشك  في قضية  SICAV  التابعة لبنك الإسكان للقيام بدعوى قضائية ضده للمثول أمام المحكمة والتي قد أطلقت سراحه في المرحلة الابتدائية، فما كان من الوزير إلا أن استأنف ضده ليتأكد من القضاء عليه نهائيا. الخبير كشك، انتابته صدمة مما حصل و من درجة الكره  المفرط الذي أبداه بكار تجاهه، ولم يفقه بعد أن هذا الكره مرده أسباب دفينة ترجع بالأساس إلى مركبات عميقة متأججة في عمق بكار، بطعم دم فاسد يغذي دماغه جعله يفقد إنسانيته، ويريد بكل الأثمان أن ينهي الرجل بطلق رصاصة الرحمة  عليه من أجل كسر عنقه، إلا أنه ومن حسن حظه برّأته المحكمة استئنافا.


     في المقابل ظل  يتبجح طويلا بنجاحه الباهر في خصخصة شركتي إسمنت، إلا أنه و بعد إلحاق كتابة الدولة للخصخصة بالوزير الأول، انكشف كذبه وادعاءاته، واعتبرها بكار إهانة وإذلال في شخصه. كما كان مروره بتلك الوزارة كارثيا  و لم يقم بشيء يذكر، ما عدا التطاول على شخص كاتب الدولة منصف بن عبد الله الرجل النزيه و لم يتركه يعمل في ظروف عادية، حيث لم يتوان عن ادخار أي جهد ـو تفاهة ساذجة لجعل العصا في العجلة.
   و من سنة 1999 إلى سنة 2003 كان تسميته على رأس وزارة المالية كارثيا، حيث ازدهرت السوق الموازية و بلغت أوجها حتى أصبحت هذه الفترة تعرف بالعهد الذهبي، فلقد أنتج مزيجا متشعبا بين وظيفته و أصدقائه من عالم الأعمال و هم كثر، إذ قام بتطوير فوضى الزواج بين الخدمات المسداة و الخدمات المتبادلة، كذلك طور مساعدات سرية تحت الطاولة منها ما يتعلق بالنزاعات و منها ما هو متعلق بالاعتراضات، و قد تعمد السكوت على إغراق السوق بالمنتجات  غلى اختلاف أنواعها و أشكالها دون تحريك ساكنا رغم سماعه المستمر لتشكيات الصناعيين الذين لم يتمكنوا من تسويق سلعهم ومنتجاتهم.


          و لا غرو أنه وبحكم منصبه كان يشرف على مجلس السوق المالية و سائر البنوك. و لا يخفى على أحد أن مجلس السوق المالية كان قد منح شركة BATAM للفترة بين سنة 2001 و 2002 قرضان رقا عيان  بملايين الدينارات بضمانات بنكية وهي في وضعية تحلل مالي تام، و حالة إفلاس حتمية، ولقد أتخذ هذا القرار بعد سلسلة من الاجتماعات بمقر وزارة المالية و برئاسة توفيق بكار  و الذي كان وراء هذا القرار الخطير و مخالفا لرأي مساعديه، علما و أن هذه الشركة في عجز تام عن القدرة بالإيفاء بدفع الدين، كما يجدر التذكير في هذا المضمار بأن بالحسن الطرابلسي والهادي الجيلاني كانا أهم مساهمين وأعضاء لمجلس إدارة BATAM. و مما يزيد في الحيرة و يفقد الثقة فيما بيننا، المغالطة الكبرى ، فلقد صرح الهادي الجيلاني أنه لم ينتفع طيلة عهد الرئيس المخلوع و لا بامتياز واحد، فلقد تناسى انتفاعه بالتخلي على 10 مليون دينار من الديون المتخلدة بذمته بشركة لي كوبر زمن السيد الكواش في سنوات 1980، وكذلك الحصول على رخصة شركة إيجار مالي لفائدة ابنه هاشمي وشريكه صهره بالحسن قبل انفصالهم في مجال الأعمال. كما أنه ولمدة سنين طوال قامت البنوك بخلاص 2 قروض رقاعية التي كانت قد ضمنتها دون مقابل،
في  ضفة اخرى أخفى  بكار فشله الذريع في  عملية الاندماج بين الاتحاد الدولي للبنوك  والبنك التونسي الإماراتي باعتباره المكلف بقيادة  مشروع الاندماج، و خسرت تونس بهذه المناسبة صديق و شريك في الميدان المالي من الأهمية بمكان في شخص السيد آل دجاني رئيس مجلس الإدارة للبنك التونسي الإماراتي، والذي اضطر إلى تقديم استقالته من منصبه على خلفية المكالمة الهاتفية مع بكار والذي كال له في مجمل محتواها سياق من الغلظة و سوء النية و قلة المعروف. و مكن هذا الفشل الذريع وخول للشركة العامة الفرنسية من تملك أغلبية رأسمال الاتحاد الدولي للبنوك بأبخس الأثمان و بعملة  القردة.

و تحت ضغط بكار انصاع علي دبي صديقه وابن جهته ومسقط رأسه، حينما كان على رأس الشركة التونسية للبنك ليمنح شقيق الوزير منجي بكار قرضا شخصيا يمثل التمويل الذاتي لشراء عقار ضخم قام بكرائه إلى الشركة  الوطنية Sotetel والذي يشغل فيها نفس الشخص، خطة رئيس مدير عام، ولما شاعت  الفضيحة، ما كان من الوزير وكعادته إلا أن يضحى بصديقه حيث فقد هذا الأخير منصبه، وما كان من هذا الوزير إلا نكران ما نسب إليه.
            وفي ليلة رأس السنة الهجرية لسنة 2010 و بمنزل كمال ناجي المدير العام للإتحاد الدولي للبنوك وفي ملتقى للأصدقاء مع حضور ثلة من الحرس القريب حول ربان السفينة و رأس الحربة بكار، اعترف أحد الحاضرين الذي لم يرد الكشف عن هويته، كيف شاهد بكار الماكر طوال السهرة وحتى مطلع الفجر يولي ويعزل أعضاء حكومته الوهمية، غافلا وجاهلا على أن السياسة لا تقبل الحرص المفرط و لا تخضع للتخمينات الساذجة، و قد استطرد نفس الشخص في الحديث على أن بكار و في وقت متأخر من السّهرة و بعد أن لعبت برأسه بنت الكرمة، حيث زمجر وتهدد وحول الهزل إلى جد فما كان من الحضور و بعض ندمائه إلا أن شكّلوا ديوانه وعينوا رئيسا له.

          وفي نهاية تلك السّهرة الخمرية المعتقة التي فقد فيها الماكر المنافق بكار صوابه، شرع في الحديث وبطريقة مجنونة عن قدره السياسي والوطني، و تحدث على خامة العقرب المصورة بجلده و التي تفوق طاقاته الحسيةـ، فهو لا يمتلك القدرة على كبح جماحه في لدغ  من أعترض سبيله حتى  و إن  كانت اليد التي تمتد إليه لتطعمه،
في بداية سنة 2009 شكل هذا الأخير مع الهادي الجيلاني الرئيس السابق لمنظمة الأعراف ثنائي رهيب تميزا بالسفسطائية و إشاعة الوعود الكاذبة، وقد يتذكر الجميع التزام الرئيس السابق للمنظمة، خلق مليون موطن شغل إضافي، مع نتائج هذه الوعود التي نعرفها جميعا، ولقد أنكشف جليا تقاسم الأدوار بين  الرجلين مستقبلا وبات محور هذه اللعبة القذرة بديهيا، ديدانهم في ذلك بيع الأوهام.   ولئن يبرز جليا طيلة كل هذه السنوات الفارطة عدم نجاعة توفيق بكار في الحد من معضلة البطالة بمناطق الظل رغم ما روج له في خطابته الرنانة ذات الوعود الكاذبة، فإن مساهمته في تفاقمها  وازدياد طابور البطالين لهو ملحوظا لا لبس فيه.




  و كان يتقدم في كل مرة بالولايات الداخلية لممارسة شوائبه المبتذلة تبعا لنفس الأسلوب ونفس الطقوس البالية مصحوبا دائما ببعض معاضديه الذين ترهقهم ذلة، وثلة من مليشيات التصفيق والتطبيل التابعة للشعبة المهنية يضحكونه ويعربدون غلى كاهل البنك المركزي.. وبعد خطاب متصحر و ثقيل و خال من الصدقية و منمق بجمل لا تصلح إلا لتأثيث منهجية لغة الخشب، يتخلله سلسلة من الوعود الكاذبة، ثم سرعان ما ينسحب تاركا وراءه ممثلي البنوك يتخبطون في حجم  الملفات المعلقة وهم  في حيرة من أمرهم. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فبتاريخ 18 فيفري 2009 كان توفيق بكار قد صرح في ولاية القصرين بالمصادقة على تمويل 42 مشروعا بحجم استثمار يناهز 16،7 مليون دينار حيث يساهم في خلق 1788 موطن شغل، وفي ذات السياق كان قد صرح أيضا بتاريخ 31 جانفي 2009 بولاية سيدي بوزيد مهد شرارة الثورة، بجملة من الاتفاقات بغية تمويل 18 مشروعا بكلفة استثمار تقدر بــ 5،8 مليون دينار،ولكن وللأسف كانت كل هذه الأرقام من نسج خياله و لا تعد إلا أن تكون كذبة  من أكاذيبه المتعددة. (يتبع)

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire