samedi 5 mars 2016

الجدود ناموا والقرود قاموا ؟




يا تونس الخضراء كأسي علقم *** أعلى الهزيمة تشرب الأنخاب؟
بالأمس بكى الشّاعر السوري  نزار قباني  حال تونس وحال مصر في قصيدته الشهيرة " أنا يا صديقة متعب بعروبتي " ،  وما كان يدري  في الحقيقة   أنه حين قال " هل العروبة لعنة وعقاب " أنه يبكي غدا غدت فيه الثورة لعنة  وعقابا. بالأمس قال جوبلز وزير دعاية هتلر:" اكذب واكذب واكذب حتّى يصدقك الجميع" وما كان يعلم أنّ نظريته ستبقى حيّة لا تموت وسيستثمرها إخوان  تونس كأسوأ ما يكون الاستثمار تحت عناوين خاطئة كاذبة مرجعها الدين والدين منها براء . فبعد أن عاشت تونس لسنين طوال على وهم  ثقافة " الزعيم " وسراب أوهام " الدكتاتور " أصبحت تعيش بعد الثورة على زيف "ثقافة  القطيع"  شعارها في ذلك "أنا مع الناس إن أحسنوا أحسنت وإن أساؤوا أسأت "  فالرعية على دين الملك .. بالأمس حين كنا صغارا  وبراءة الأطفال في عيوننا قرأنا قصة  "الذئب والراعي"  فأطربتنا.فلّما هرمنا عرفنا أنها  قصة حقيقة  متلبسة بالرمز تُحدّث منذ غابر العصور   بقصة عداء أزلية انبنتعلى أساسها  حضارات وأقيمت على جوهرها أديان وفلسفات و تغنت بها ملاحم  وأساطير ، وهي على اختلاف رموزها ودلالاتها اشتركت في التأكيد على معنى بارز تمثل في  القطيع الذي يعشق العبوديّة. وحتى يتمّ خداع الملايين التي تساق نحو الذبح كالقطعان يرددون كلمة حق  ويريدون بها باطلا " "  إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية" .فليس المقصود بالحديث عند الجماعة التكاتف والتآلف بل هي الرغبة المبطنة في أن يظل الجماعة حرّاسا للقطيع .


 فما من مسؤول بعد الثورة إلا وولّى وجهه شطر حزب من الأحزاب حتى يؤمن لنفسه البقاء على الكرسي  وحتى يطيل أمد التمتع بالسيارات الفارهة والامتيازات المادية والمعنوية . ولو كان هؤلاء المسؤولون يقدمون جليل الخدمات للعباد والبلاد لهان الأمر ولقلنا لهم " كلوا جزاء ما تعملون " ، ولكن حين نجد الحفاة العراة يتطاولون في البنيان ، وحين نجد المتردية والنطيحة وما أكل السبع بيدها الحل والعقد ، وحين نجد  الرويبضة أو الرجل التّافه يتكلم في أمر العامة ومشاغل السياسة ، وحين نجد الجماعة على الأرائك متكئين يقولون "  اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ" فليس لنا أن نقول ما قاله أسلافنا " الجدود ناموا والقرود قاموا" .


 فعندما يصبح  راشد الخريجي أوالغنوشي وحمادي الجبالي وعلي لعريض ومنصف المرزوقي ونور الدين البحيري وعبد الفتاح مورو ومهدي جمعة وياسين إبراهيم ورفيق بوشلاكة وغيرهم  شخصيات وطنية ورجال دولة فقل" ألقابٌ مرّة في غير موضعها كالهرّ يحكي انتفاخا صولة الأسد " وردد" على وطني السلام ." وليس لنا في النهاية إلا أن نطلب من الإعلاميين إلا  أن يكفوا عن صناعة الطغاة لأن الأيادي المرتعشة لا تصنع التاريخ  وأن الأسود تبقى أسودا وأن أشباه السياسيين سيذهبون إلى مزابل التاريخ .




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire