ممّا يزّهدني في أرض أندلـس...أســماء
معتضد فيها ومعتمد
ألقاب مملكة في غير موضعها...... كالهر
يحكي انتفاخا صورة الأسد
لم نجد أفضل من هذين البيتين الشعريين لنصف حال تونس بعد خمس سنوات على رحيل
النظام السابق، فحال الوطن اليوم أسوأ من حال الأندلس لما تفرّقت طوائف وشيعا
فذهبت ريح ملوكها...فما أكثر رؤساء تونس بعد الثّورة، وما أكثر وزرائها، وما أكثر
نوابها، وما أكثر أحزابها. ولكنّها كثرة كغثاء السّيل تزبد ولا تمطر تقول ولا
تفعل وكل حزب بما لديه فرحون .فرؤساؤنا، أدام الله بقاءهم – بلغوا
أربعة وخامسهم قد يأتي بعد صيف، أمّا وزاؤنا فلا نستطيع لهم عدّا ولا ردّا ..حتى
لكأن فتونس بصدد كتابة قصّة طريفة ظريفة عنوانها " حكّام تونس في حلّهم وترحالهم" ..والغريب أن كل من يمسك زام السلطة يتصرف
مثلما يتصرف الديك فيقول أنا ربكم الأعلى وأنا الحاكم دون شريك ... يظهر ذلك عند
الجميع وخاصة عند مزودو جي الجنسية- ومن
غرائب الزمن أنتعطى لهم مناصب - الذين ذهب
في ظنهم أنهم أكبر من الوطن فهم أبناء
فرنسا التي استعمرتنا يوما وأبناء بريطانيا التي أعطت ما لا تملك لمن لا يستحق .
من حكم فردي زمن الباجي قائد السّبسي
في بداية الثورة إلى حكم الترويكا بعد انتخابات خاطئة كاذبة يوم 23 أكتوبر
2011 إلى حكم الرباعي جرّبنا أنواعا
وأنواعا من الحكم. فمن حكومة إنقاذ لم تنقذنا
إلى حكومة حزبية جمعت بين النطيحة والمتردية وما أكل السبع إلى حكومة
تكنوقراط قادت إلى الخراب إلى حكومة رباعية خامسها الاتحاد وسادسها منظمة الأعراف
تحركت الكراسي تحركا عجيبا غريباولكنها انقلبت جميعا فباء الوطن جميعها بالفشل
والخسران المبين . ولا عجب في ذلك فكل رئيس أو وزير يقرب أخيه وصاحبته التي تأويه شعاره في ذلك
" الأقربون أولى بالمعروف " ومن ثم كانت المحاصصة الحزبية
والرابطة الدموية والقرابة الجهوية والمحسوبية والرشوة هي المقاييس التي في ضوئها
توزع المناصب ..هكذا جاءت الثورة لتقطع مع ما قيل أنه استبداد العائلة فإذا بها
تكرس عادات لم تعرفها تونس حتى ف أشد سنواتها بؤسا وديكتاتورية ..فإذا كان الرّئيس
السّابق قد قرب مهدي مليكة وحمّله حقيبة وزارية غير سيادية فإن راشد الغنوشي الذي
يحتكم إلى شرع الله ويعلم فيما يعلم أن الوزارة تكليف وليست تشريف وأن من يتقلدها
يكون ظلوما جهولا قد وَزّر صهره المدلل رفيق بوشلاكة . وإن الباجي صاحب
الحكمة والحنكة السياسية لم يستطع أن
يتخلص من عقدة الابن " فالمال والبنون زينة الحكم في تونس " هكذا رحل "مهدي" واحد ليخلفه مهديون
جدد. ولا نستطيع في هذا السياق أن نغفل ما آتاه النواب الذين عينوا أقاربهم في خطط
وظيفية كبرى حتى تبقى كتلهم كالبنيان المرصوص .
إن المشهد السياسي في بلدي قد بني ومنذ الأيام الأولى للثورة بني على أرض رخوة ميادة كثبانها متحركة ورياحها
عاصفة ، ومع كل ريح صرصر تجد تونس نفسها على عروشها تبكي ثورة لم يحافظ عليها
أهلها كالرجال . فإلى متى سنظل نبني على الهاوية ؟وحتى متى سيظل كل حاكم جديد يشرع
في بناء سلطته من أرض محروقة ؟ وهل كتب علينا بعد الثورة ألاّ نخرج من مؤقت حتى
نجد أنفسنا مع مؤقت ؟ وهل سنعود إلى المدينة نشيد بنياننا بعد أن طوحت بنا كثبان
الرمل وأعمى حصاها عيوننا فلم ندر من أمنا رشدا ؟ لن نقول "خذوا الكراسي بس
خلو الوطن بل سأقول اتركوا الكراسي لأهلها
حتى تبث ف الأرض وتكون كالجبل " ما
يهزها ريح " و سأقول وخلوا الوطن لأبناء الوطن .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire