mercredi 16 décembre 2015

قضيّة بنك التّنمية الإفريقي وUniCredit Bank :تفاصيل مثيرة تكشف لأوّل مرّة حول تدخّل القضاء التّونسي في نزاع لا يعنيه!



يعدّ بنك التّنمية الإفريقي أو البنك الإفريقي للتّنمية Banque africaine de développement (BAD ) من أكبر البنوك الدّولية والإقليميةالدّاعمة لاقتصاد البلاد قبل الثّورة وبعدها وقد شاءت الظروف الاستثنائية التي عاشتها الكوت ديفوار (الحرب الأهلية) في انتقاله مؤقّتا خلال سنة 2003 إلى تونس وهو ما ساهم بديهة في رفع حجم اتّفاقيات تمويل القروض والهبات في اتّجاه تونس لدعم التّنمية وإحداث آلاف مواطن الشغل بنسب فائدة معقولة (بين 3 و4 %)وبعد 11 سنة وتسجيل عودة الموقف السّياسي والأمني في الكوت ديفوار إلى طبيعته تقرّر انتقال بنك التنمية الافريقي من جديد إلى أبيدجان ولتتحوّل تونس إلى مقرّ إقليمي (شمال إفريقيا) .
العلاقة بين تونس والبنك الإفريقي للتّنمية عرفت خلال أوائل سنة 2010 منعرجا خطيرا بعد أن تعهّد القضاء التونسي بملف قضيّة لا يعنيه لا من قريب ولا من بعيد بعد أن رفع أحد المصارف الأوروبية UniCredit Bank(سابقا شركة Hypovereinsbank(HVB)) قضيّة بالمصرف الدّولي BADلدى المحكمة الابتدائية بتونس مطالبة بإلزام الأخير بأن يؤدّي له مبلغ 3997.034.76 مارك ألماني (أكثر من 20 مليون دينار)مع الفوائض من يوم الحلول إلى تمام الوفاء ... القرض كان أسنده المصرف الطّالب الى الشّركة الوطنية للكهرباء بالكونغو  SNECأوائل التّسعينات لاقتناء تجهيزات من شركة GTA ....


القضاء التونسي ورغم عدم أهليته للبتّ في هذا النّوع من النّزاعات بحكم أنّ تونس أوّلا ليست دولة المقرّ لطرفي النّزاع كما أنّ البنك الإفريقي للتنمية لا يخضع حسب قانونه الأساسي إلا للقانون الأنجليزيهذا إضافة إلى أنّه الطّرف المستفيد من القرض لا علاقة له بتونس كذلك يرتبط المصرف المطلوب مع الدّولة التّونسية بمعاهدة مؤرخة في 17 افريل 2002 نصّت في بابها الثّالث على تمتّعه بالحصانات والإعفاءات والامتيازات المنصوص عليها في اتّفاقيةإنشاء البنك ومنها حصانة التقاضي بالنّسبة إلى جميع أنواع الدّعاوي القضائية ... فإنّ محكمة البداية وعلى خلاف كل التّوقّعات قضت بتاريخ 02 فيفري 2010 في القضية عدد 25439 بإلزام مصرف BAD بأن يؤدي لمصرف UniCredit Bank المبلغ المطلوب مع الفوائد وأتعاب التّقاضي وفي الطور الاستئنافيأصدرت محكمة الاستئناف بتونس قرارها عدد 17115 بتاريخ 18 ماي 2015 يقضي بنقض الحكم الإبتدائي والقضاء من جديد برفض الدّعوى ولكن محكمة التعقيب ورغم أنّها تعتبر محكمة قانون تراقب حسن تطبيق القانونولا تنظر في أصل النّزاع فقد تجاوزت صلوحيّاتها وخرقت القانون وقضت بتاريخ 11 ديسمبر 2012 في القضية عدد 66411 بنقض القرار المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة الاستئناف لإعادة النّظر فيها بهيئة أخرى وخلال عهد حكومة مافيا المال أصدرت المحكمة المتعهدة بتاريخ 28 اكتوبر 2014 قرارا استئنافيا تحت عدد 58788 يقضي بإقرار الحكم الابتدائي وإجراء العمل به ...


حكم تسبّب في أزمة حادّة بين البنك الإفريقي للتّنمية والدّولة التّونسية وطال أكثر من اللزوم خصوصا وأن رئيس حكومة التكنوخراب كان يعمل جاهدا على تعقيد وضعيّة تونس المالية لأسباب ظلّت مجهولة ولو أنّ المطلعين والخبراء أكّدوا أنّ المهمّة الرئيسيّة Mission principaleللمهدي جمعة شهرTotalMehdi تلغيم علاقات تونس الخارجية ومزيد تأزيم وضعيتها الإقتصادية والمالية Mettre le chaos...زمنها عرفت العلاقة بين بنك "الباد" وحكومة مافيا المال توتّرا غير مسبوق حيث أمعن الثنائي المهدي جمعة وحكيم حمّودة في تجاهل رئيس البنك "دونالد كابروكا" ولم يودّعه أي منهما عند مغادرته لتونس مثلما يقتضيه البروتوكول وعند انتشار الخبر الفضيحة تمّت دعوته وتصحيح الاجراءات .


وذهب في الاعتقاد  أن يتدارك ياصين إبراهيم شهر  "المزروب" وزير التّنمية والاستثمار والتّعاون الدّولي الموقف ويقترب أكثر من البنك الدّاعم رقم واحد لاقتصاد تونس إلا أنّ الرّجل كان يحبّذ منذ إسقاطه على الوزارة التّعامل مع البنك العالمي وغيره من المؤسّسات المالية المعروفة بشروطها المجحفة وفوائدها المرتفعة وهو ما دفعه خلال شهر أفريل 2015 إلى الإذن بفتح تحقيق ضدّ المدير العام للتّعاون الإقليمي المرحوم عادل بن علي بسبب توجّه الأخير لبنك BAD لتمويل مشروع المحطة الكهربائية بالمرناقية بطاقة 600 ميغوات وحينما جوبه الوزير  المتفرنس برفض البنك العالمي تمويل المشروع المذكور عاد الوزير وقبل بالأمر الواقع .
بالتّوازي كان ملف قضية الحال ونعني به النّزاع بين مصرف Banque africaine de développement ومصرف UniCredit Bankيسير في الاتّجاه المعاكس أي لفائدة المصرف الأخير  ورغم علم الوزير المسبق بتفاصيل الملف الحارق إلاّ أنّه أسقط من حساباته لفت نظر رئاسة الحكومة لخطورة إصدار حكم قضائي جديد ضدّ المصرف الدّاعم لاقتصاد تونس خصوصا وأنّ الأمر يقضي بمتابعة الموضوع عن قرب خشية الانزلاق في متاهات لا يحمد عقباها ... بعض الشرفاء والأحرار بوزارة حزب/شركة آفاق تونس عفوا وزارة التّنمية والاستثمار والتّعاون الدّولي سارعوا الى إعلام رئاسة الحكومة بالتّفاصيل المغيّبة وبسلبيّة وزير الفشل والبزنس ياصين إبراهيم غير المبرّرة .


وبتاريخ 07 اكتوبر 2015 أصدرت محكمة التّعقيب في القضية عدد 22753 قرارا يقضي بنقض القرار المطعون فيه وإحالة القضيّة إلى محكمة الاستئناف لإعادة النّظر فيها مجدّدا بهيئة أخرى وقد تعلّلت محكمة التّعقيب بأنه لا علاقة تعاقدية مباشرة تربط المصرفين إضافة الى انعدام المديونية المزعومة وعدم اختصاص التحكيمي وتمتّع الطرف المطلوب بحصانة التّقاضي .... 


كرّ وفرّ وإدانة ونقض هي عنوان مسلسل حشر فيه قضاؤنا حشرا ... على مراد الله توسّع قضاؤنا العليل فيما لا يعنيه وتجاوز كل الحدود في إطار توافقات وترتيبات خفيّة شارك فيها عدد من المحامين من صنف التّماسيح الكبيرة للتّلاعب بمصالح البلاد الحيوية ربما لأن همّهم مصبوب على الرّبح السّهل والسّريع فمداخيل قضيّة مدنيّة بهذا الحجم لن تقلّ أتعابها عن 10 ملايين دينار بالعملة الصّعبة بحكم أن بنك التنمية الإفريقي سيكون ملزما في صورة خسارة الطور الأخير بدفع مبلغ مالي لن يقلّ عن 50 مليون دينار نظرا لطول الفترة (23 سنة) ... . 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire